شاهد بالصور: معاناة النازحين اليومية أثناء تعبئة المياه داخل مدينة أصداء.. وسط شح كارثي
تخّيل أن تمضي يومك بحثاً عن قطرة ماء، أو أن ينام أطفالك وهم عطشى يحلمون بصنابير مياه قد فقدت في واقعهم، ويا لبساطة أحلامهم!، المؤلم هنا أن هذه ليست مجرد تخيلات، بل حال مئات الآلاف من الغزيين القاطنين في مخيمات مدينة أصداء جنوب القطاع.
أفاد النازح محمد صادق، الذي سبق وأن نزح من رفح إلى مدينة أصداء جراء القصف المستمر، أنهم يعانون من شح المياه منذ نزوحهم لهذه المدينة، وأنهم طلبوا مساعدة بهذا الخصوص من عدة منظمات إنسانية لكن دون جدوى.
وبين محمد أن سكان المخيم يشتركون لشراء الماء سوياً ، موضحاً أن الناس فقراء وغير قادرين على شراء الماء، حيث يطلب أصحاب الخزانات 50 شيكل (13 دولار) مقابل برميل الماء الواحد وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة إلى سكان المخيمات.وأضاف “كل ما نكسبه من العمل يومياً هو 15 شيكل، ولا نعلم هل نشتري بها الماء أو الطعام”.
وناشد محمد المنظمات الإنسانية قائلاً “لا يوجد ماء للشرب ولا من أجل الاستحمام، والناس إن لم يجدوا الماء سيتحولون إلى مرضى كلى، وإذا لم يستحموا سيصابون بأمراض جلدية”.
ويوجد في مدينة أصداء، مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من القصف والدمار، ويعيشون في ظروف قاسية ونقص في الأساسيات، حيث تعاني مخيمات مدينة أصداء من نقص كبير في الوقود للقدرة على تشغيل إمدادات المياه التي طالت أكثر من 8000 خيمة.
وأدى ذلك النقص إلى أزمة كبيرة بسبب اضطرار النازحين لشراء المياه على حسابهم الخاص بأسعار تفوق قدرتهم، على الرغم من سوء أحوالهم المادية، وصعوبة العمل والمعيشة في المنطقة.
ويؤكد النازح أحمد أنه يضطر للعمل يومين كي يتمكن من جمع ثمن تعبئة خزان المياه لديه من أجل عائلته،مشيراً إلى أن العائلة الواحدة لا قدرة لها على سداد ثمن الخزان الواحد، مما يدفع العوائل للاشتراك في دفع ثمن خزان المياه.
نقص التمويل الدولي
تسبب توقف دعم قطاع المياه في عدد من المخيمات العشوائية، داخل مدينة أصداء، إلى إضطرار النازحين إلى تقنين كميات المياه المستهلكة يومياً لأدنى حدّ ممكن، رغم الحاجة الملحة إلى استخدامها في ظل موجات الحر المتتالية وانعدام وسائل التبريد، فضلا عن مصاعب تأمين المياه وارتفاع تكاليف الحصول عليها.
وقالت النازحة مرام، أنها وعائلتها لا تحصل على المياه المجانية سوى مرة كل أسبوع وبمقدار قليل جداً لا يتجاوز 100 ليتر لجميع أفراد العائلة، وهي لا تكاد تكفي للغسيل والتنظيف والاستحمام لأكثر من يومين أو ثلاثة أيام فقط.
تقيم مرام مع أبنائها الأربعة وزوجها العاطل عن العمل في مخيمات مدينة أصداء، حيث يعانون من عدم قدرتهم على توفير المياه، مشيرة إلى أنهم لا يستطيعون شراء المياه على نفقتهم الخاصة لغلاء أسعارها، حيث يُعبأ الخزان المؤلف من برميل بمبلغ 50 شيكل وهي لا تكفيهم أكثر من أيام معدودة.
شح المياه وغلاؤها بدأت تظهر نتائجهما على أبناء مرام جراء قلة الاستحمام وندرة عوامل النظافة، بينما تنتشر النفايات والأتربة في المخيم، تقول: “لا نعيش هنا حياة طبيعية، فالحياة في المخيم صعبة للغاية، ومع محدودية الوصول إلى المياه النظيفة ونقص مرافق الصرف الصحي والنظافة، يصاب أطفالنا بأمراض عدة كالجرب والجدري والإسهال والتهاب الكبد والقوباء وغيرها من الأمراض”.
ولترشيد استخدام المياه بحيث تتوازى مع معدل الصرف، تلجأ مرام كغيرها لتقليل كميات مياه الجلي عن طريق وضع الأواني بوعاء واستخدام مياه هذا الوعاء في رش الأرض أمام الخيمة، ويتم تجميع الملابس المتسخة لمدة أسبوع كامل من أجل غسلها جميعاً مرة واحدة فقط.
ومهما اقتصدت مرام في استهلاك المياه فهي لا تكفيها، وكثيراً ما يشترون المياه على حسابهم الخاص لباقي أيام الأسبوع، وتتطلع لأن يكون هناك حل عاجل لهذه الأزمة.
من جانبه يقول أ. بهاء الاغا، مدير مدينة “أصداء لإيواء النازحين في خانيونس” بأن أكثر من 8 آلاف خيمة في المنطقة تعاني شحاً شديداً في المياه، وإن قطاع المياه لا يلبي غير 25 % من الاحتياج داخل مدينة أصداء.
ودعا الأغا المنظمات الإنسانية إلى بذل جهود أكبر في تأمين كميات من المياه تكفي جميع النازحين، مبيناً أن أكثر من 40 ألف نازح في المنطقة محرومون من عدة احتياجات أساسية مع تحول تأمين المياه إلى مشكلة أساسية في فصل الصيف،وسط احتمال زيادة العدد في حال توقّفت مشاريع المياه عن مخيّمات أخرى.
وبين الاغا، بأن ضعف الوصول إلى موارد المياه النظيفة تسبب العديد من المشاكل أبرزها انتشار الأمراض والأوبئة مثل الجدري والإسهال والتهاب الكبد والجرب وعدّة أمراض أخرى، خاصةً بين الأطفال والنساء (حيث يحتاجون لكميات أكبر من المياه لعدّة اعتبارات).